من نحن ؟ | معرض الصور | الاقتراحات | التواصل معنا
Loading ... please Wait
مشاهدة Image
- -ما حُكم العُلماء الَّذين يُؤمنُون بإعذار
الفتاوى > > ما حُكم العُلماء الَّذين يُؤمنُون بإعذار
عدد المشاهدات : 0
تاريخ الاضافة : 2019/01/27
المؤلف : أبي عبد الرحمن الصومالي


ما حُكم العُلماء الَّذين يُؤمنُون بإعذار "جاهل التَّوحيد"، ويحكمُون بإسلام "الطواغيت" الحاكمة بغير ما أنزل اللهُ، المُوالين للصليبيين؟ وهل يُعذرُون بالجهل والتأويل؟
(الجواب) من المعلوم أن الناس كانوا قبل بعثة النبي صلّى الله عليه وسلم في جاهلية وشرّ كما جاء في الحديث الصحيح: "يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشرّ فجاءنا الله بهذا الخير ..." ومعلوم كذلك أن النبي صلّى الله عليه وسلم بلّغ الرسالة وأدّى الأمانة على أحسن الوجوه، وأنه أنقذ الناس بإذن الله من الجاهلية والشرّ الذي كانوا تائهين فيه.
والسؤال المهمّ هو: ما الذي دعا النبي صلّى الله عليه وسلم الناس إليه وأخبر أن نجاتهم في الدنيا والآخرة متعلّقة بتحقيقه؟   
لا شكَّ أنَّهُ دعاهم إلى:
(أولاً) أن يؤمنوا بالله، ومعنى الإيمان بالله هو أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً وأن يكفروا بالآلهة والأنداد التي كانوا يعبدونها مع الله.
قال الله تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾  [النساء: 36].
وقال تعالى: ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا﴾  [البقرة: 256].
وقال تعالى: ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ﴾  [الممتحنة: 4].
وقال تعالى: ﴿فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ. فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ﴾  [غافر: 84-85].
وهذه الآيات وأمثالها في القرآن تدلّ على أن الإيمان بالله الذي كان مطلوباً من أهل الجاهلية كان: "أن يعبدوا الله وحده ويكفروا بما كانوا يعبدونه من قبل" 
ولم يكن أن يعترفوا بوجود الله ، - كما يظنُّه كثير من الجهال- وأنه وحده خالق الكون ومالك الملك، فقد كانوا معترفين بذلك في جاهليتهم قبل أن يأتيهم الرسول بالتوحيد. 
ودليل ذلك قوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ﴾  [الزخرف: 9].
وقوله: ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ. فَذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاّ الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ﴾ [يونس: 31-32].
وقوله تعالى: ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ﴾ [يوسف: 106].
قال ابن عباس: "من إيمانهم إذا قيل لهم من خلق السماوات ومن خلق الأرض ومن خلق الجبال؟ قالوا: الله، وهم مشركون به".
ولم يكونوا كذلك ينكرون أن يُعبد الله بل كانوا يتوجّهون إلى الله بكثير من العبادات: كالصلاة والصيام والحجّ والعتاقة والصدقة وصلة الأرحام.. وغير ذلك. وإنما أنكروا إخلاص العبادة لله وترك عبادة الآلهة التي اتّخذوها من دون الله.
قال تعالى: ﴿وَإِذَا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآَخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾  [الزمر: 45].
وقال تعالى: ﴿ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ للهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ﴾ [غافر: 12].
وقال تعالى: ﴿قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا﴾ [الأعراف: 70].
وقال تعالى: ﴿وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آَلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ﴾ [هود: 53].
وقال تعالى: ﴿أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا﴾  [هود: 62].
وظاهرٌ من الآيات أنه صلّى الله عليه وسلم -وغيره من الرسل- كان يدعوهم إلى توحيد العبادة لله وأنّهم كانوا ينكرون ذلك ويرفضونه ويقولون: هذه بدعةٌ لم تكن في القرون الماضية.
كقوله تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللهُ لأَنْزَلَ مَلائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آَبَائِنَا الأَوَّلِينَ﴾  [المؤمنون: 24].
وقوله تعالى: ﴿مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآَخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلا اخْتِلاقٌ﴾ [ص: 7].
(ثانياً) أن يؤمنوا برسول الله ويتّبعوه ويطيعوه. وأن يؤمنوا كذلك بالرسل التي قد خلت من قبله: قال تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾  [الأعراف: 158].
وقال تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا﴾ [الفتح: 13].
وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِينًا﴾ [الأحزاب:36]
وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 71].
وقال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللهِ﴾ [النساء: 64].
وقال تعالى: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾ [النساء: 80].
وقال تعالى: ﴿وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾  [الحشر: 7].
وقال تعالى: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ﴾  [النساء: 163].
(ثالثاً) أن يؤمنوا بملائكة الله وأن الله يختار منهم رسلاً يحملون الوحي من أمره إلى أنبيائه من بني البشر:
قال الله تعالى: ﴿اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ﴾  [الحج: 75].
وقال تعالى: ﴿يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاّ أَنَا فَاتَّقُونِ﴾  [النحل: 2].
وقال تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ. نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ. عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ. بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾  [الشعراء: 192-195].
وقال تعالى: ﴿إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحَى. عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى. ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى. وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى. ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى. فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى. فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى﴾  [النجم: 4-10].
وقال تعالى: ﴿قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾ [النحل: 102].
(رابعاً) أن يؤمنوا بكتاب الله، القرآن وأن يؤمنوا كذلك بالكتب التي سبقته: 
قال تعالى: ﴿إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ. فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ. لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ. تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الواقعة: 77-80].
وقال تعالى: ﴿كَلاّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ. فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ. فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ. مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ. بِأَيْدِي سَفَرَةٍ. كِرَامٍ بَرَرَةٍ ﴾  [عبس: 11-16].
وقال تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا﴾  [الفرقان: 1].
وقال تعالى: ﴿نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ. مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ﴾  [آل عمران: 3-4].
 (خامساً) أن يؤمنوا باليوم الآخر وما يقع فيه من بعث وحساب ونعيم وعذاب:
قال الله تعالى: ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ. لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ﴾  [النحل: 38-39].
وقال تعالى: ﴿زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾  [التغابن: 7].
وقال تعالى: ﴿مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلاّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ [لقمان: 28].
وقال تعالى: ﴿إِنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى. فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى﴾  [طه: 15-16].
وهذه هي أصول الإيمان التي كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يدعوا الناس إليها وهي أصول مترابطة يجب الإيمان بها مجتمعة، ولا ينفع الإيمان بواحد منها إذا انفرد، كما لا يقوم الإيمان إذا تخلّف أصلٌ من هذه الأصول. ويظهر هذا الترابط جليّاً عند التعريف. فمثلاً تقول:
(1)     التوحيد: "هو أول ما أمر الله به الخلق على ألسنة رسله وأنزل الكتب ببيانه وهو عبادة الله وحده لا شريك له، وهو الذي يفرِّق الناس إلى فريقين فريقٌ في الجنة وفريقٌ في السعير". 
فترى أنه قد ارتبط بتعريف التوحيد ذكر الرسل والكتب والجنة والنار. وإذاً فلا يؤمن بالتوحيد من لا يؤمن بالرسل والكتب والجنة والنار.
(2)     الرسول: "هو الرجل المبلغ عن الله الداعي إلى توحيده ويأتيه الملك بالوحي من أمر الله وهو النذير بين يدي الساعة المبشّر بالجنة لمن آمن". 
فترى أنه جاء في تعريفه ذكر التوحيد والملك والوحي الذي يشمل الكتب وذكر الساعة. وإذاً لا يكون مؤمناً بالرسول من لا يؤمن بالتوحيد والملائكة  والوحي والجنة والنار.
(3)     الملك: "هو مفرد "الملائكة". وهم خلقٌ من خلق الله. خلقوا من نور يعملون بأمر الله ولا يعصونه .. ومن وظائفهم تبليغ الوحي من الله إلى رسله من البشر". فجاء في التعريف ذكر الوحي ويشمل كتب الله المبيّنة للتوحيد، وذكر رسل الله. وإذاً لا يؤمن بالملائكة من لا يؤمن بالوحي والرسل والتوحيد.
(4)     القرآن:   "هو كلام الله الذي أوحاه الله إلى محمد صلّى الله عليه وسلم عن طريق الملك جبريل" فجاء في تعريفه ذكر الوحي والرسول والملك .. وإذاً لا يمكن أن يؤمن بالقرآن من لا يؤمن بالوحي والملائكة والرسل الذين منهم محمد صلّى الله عليه وسلم الداعي إلى التوحيد.
(5)     اليوم الآخر: "هو اليوم التي أخبرنا الله بمجيئه على ألسنة رسله الذين تلقوا الوحي منه" وإذاً لا يمكن أن يكون مؤمناً باليوم الآخر من لا يؤمن بالوحي والملائكة والرسل .. ولا يؤمن بالوحي من لا يؤمن بالتوحيد.
ولأجل هذا الترابط المكين كان القرآن الكريم يتنَزَّلُ ببيان هذه الأصول كلّها في آن واحد. ويدعوا المشركين إلى الإيمان بها جملة بدون تفريق. وكان المشركون -وهم على شركهم- ينكرون التوحيد قائلين: ﴿أَجَعَلَ الآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا﴾  [ص: 5].
وينكرون الرسول ويصفونه بالجنون والكهانة والشعر والسحر وغير ذلك.
= ﴿وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ﴾  [القلم: 51].
= ﴿وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ. وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ﴾  [الحاقة:41-42]
= ﴿أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ﴾  [الطور: 30].
= ﴿وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ﴾   [ص: 4].
وأنكروا أن تكون الملائكة أتته بالوحي من الله، وقالوا: إنما تنَزلت به الشياطين. وقالوا أيضاً: إنما هو من تأليفه وإنشائه وقالوا: إنما يُعلِّمه بشر:
= ﴿وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ. وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ. إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ﴾ [الشعراء:210-212].
= ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ﴾  [الأحقاف: 8].
= ﴿ائْتِ بِقُرْآَنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ﴾  [يونس: 15].
= ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ﴾  [النحل: 103].
وأنكروا كذلك البعث والحساب وتعجّبوا جداً من إحياء العظام البالية:
= ﴿بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ. أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ﴾  [ق: 2-3].
= ﴿قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ﴾  [يس: 78].
= ﴿وَيَقُولُ الإِنْسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا﴾ [مريم: 66].
= ﴿فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا﴾  [الإسراء: 51].
والمقصود من ذلك أن تعلم أن الدعوة إلى الإيمان بالله أي توحيده وتنْزيهه عن الشركاء كان يصحبها ويلازمها الدعوة إلى الإيمان برسل الله وملائكته وكتبه واليوم الآخر .. وأن المشركين كانوا يجيبون بالإنكار والرفض.
أما إذا اقتنع المشرك بأن ذلك كله حقٌّ فإنه كان يأتي النبي صلّى الله عليه وسلم ويقول: "آمنت بالله" أو يقول: "أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله" وكان هذا دليلاً على إجابته إلى الإيمان كلّه ولذا لم يكن يطلب منه أن يقول "آمنت بالملائكة" ، "آمنت بالقرآن" ، "آمنتُ بالبعث والحساب" لأنه آمن بالتوحيد وآمن بالرسول ومن آمن بهذين فقد آمن بالباقي بداهة.
فالناس وهم يعيشون في جاهلية وشرك وشرّ جاءهم العلم والبينة فافترقوا إلى مؤمنين متّبعين للعلم وكافرين متّبعين لأهوائهم:
= ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾ [البينة: 1].
= ﴿وَمَا تَفَرَّقُوا إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ﴾  [الشورى: 14].
= ﴿وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلاّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ. وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ﴾ [البينة: 4-5].
فدلّت هذه الآيات أن الناس افترقوا إلى مؤمنين وكافرين بعد ما جاءهم العلم والبيّنة من عند الله. وهذا العلم والبيّنة فسّرته الآية بتوحيد العبادة.
= ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ [البينة: 5].
فبعد مبعث النبي صلّى الله عليه وسلم بالحنيفية وإخلاص الدِّين لله صار الناس ثلاثة أقسام:
(الأول) قوم آمنوا بالله وعبدوه وحده مخلصين له الدِّين حنفاء.
(الثاني) قوم أنكروا هذه الدعوة وحاربوها وكانوا قسمين:
(أ‌)                     معاندون عرفوا الحقّ ولكنهم اتّبعوا أهواءهم استحباباً للحياة الدنيا على الآخرة. كقوله تعالى: ﴿فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللهِ يَجْحَدُونَ﴾ [الأنعام: 33]. 
وقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ﴾ [البقرة: 146].
(ب‌)               قوم جاهلون مخدوعون خدعهم الأكابر المتبوعون فحاربوا التوحيد وهم يظنّون أنه بدعة وتغيير لدين الآباء والأجداد .. كما هو بيّن من قوله تعالى: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ﴾  [التوبة: 6].
وقوله تعالى: ﴿وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾  [النحل: 25].
وكل من بلغتْه هذه البيّنة التي هي: "إخلاص العبادة لله ونبذ الشركاء والأنداد" ثم لم يستجب لها كان من أصحاب السعير سواءً كان معانداً للحقّ أم جاهلاً يحسب أنه من المهتدين. 
وقال تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاّ هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولا. إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آَلِهَتِنَا لَوْلا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً﴾  [الفرقان: 41-42].
وقال تعالى: ﴿وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ﴾  [الزمر: 47].
(الثالث) قوم لم تبلغهم هذه البيّنة فهم على شركهم وجاهليتهم وهم قسمان:
وثنيون يعبدون غير الله وليس لهم كتابٌ سماويٌّ يرجعون إليه.
أهل الكتاب: وهم قوم ينتسبون إلى رسل الله وكتب الله وأصل دينهم صحيح لم يكن فيه شرك ولكنهم انحرفوا وخرجوا عن التوحيد والإخلاص وعبدوا مع الله غيره كاليهود والنصارى.
وإذا ثبت بالأدلّة الصحيحة أن هذا العلم وهذه البيّنة التي جاءت عند مبعث النبي صلّى الله عليه وسلم لا تنقطع وأنه لا تزال طائفة من أمته ظاهرين على الحقّ فالناس أمام الطائفة المنصورة على ثلاثة أقسام:
(1)     مؤمنون لا يشركون بالله شيئاً.
(2)     كافرون محاربون مبغضون للتوحيد من معاندين وجاهلين يحسبون أنهم مهتدون.
(3)     كافرون جاهلون لم تبلغهم البيّنة  فهم على شركهم وجاهليتهم الأولى.
وهذا هو الحق المقطوع به فليحذر اللبيب من وساوس الشيطان الناطق بلسان أوليائه ﴿يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا﴾  [الأنعام: 112].
 
أما بعد .. 
فهؤلاء الذين يقال إنهم علماء  وهم يتحرّجون من تكفير أهل الإشراك اعلم أنهم ليسوا بعلماء الإسلام وإنهم "جهلاء" وإن جاز إطلاق اسم "العلماء" عليهم فبالنسبة إلى غيرهم من عوام أهل الجاهلية كما يقال: "علماء اليهود" أو "علماء النصارى"، مع كونهم الذين أضلوا الناس وأفسدوا عقائدهم وقد شبّههم الله بالحمير فقال: ﴿كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا﴾. 
وهؤلاء الذين يُقال إنهم "علماء" من المتحرّجين يظهر لك جهلهم من وجوه كثيرة:
(الأول): إنهم قالوا: الجاهل لا يكفر بالشرك الأكبر .. وهذا جهلٌ عظيم لأن الله سمّى التوحيد "علماً" فقال: ﴿وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ﴾  [الشورى: 14].
وسمّاه "بيّنة" أي العلم الذي يُبيّن الحقّ فقال: ﴿وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلاّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ. وَمَا أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ﴾ [البينة: 4-5].
فإذا كان الإنسان جاهلاً بالتوحيد فهو جاهلٌ لم تبلغه البيّنة بعد فهو إذاً على جاهليته الأولى. لأن المسلم هو الإنسان الذي جاءته البيّنة فأظهر الرضى والقبول. ولا يطلق صفة الإسلام على أحدٍ حتى ينال درجة من العلم، وهذه الدرجة هي العلم بالتوحيد.
ومن قال: إن الجاهل لا يكفر بالشرك، فهو كمن قال: الإسلام هو الجهل بالتوحيد، وهذا من أفسد العقائد وأبعدها عن الحقّ.
(الثاني): عندما يقول "إن الجاهل لا يكفر بالشرك" يجهلون أن الشرك بالله عقيدة يعتقدها الجهلاء. ومعنى "عقيدة" هي ما يعقده الإنسان بقلبه ويجزم أنه حقٌّ. فإذا كان الشرك بالله من أبطل الباطل ومع ذلك يعتقده بعض الناس دلّ ذلك على جهل ذلك المعتقد للشرك إذ لا يعتقد الشرك إلا جاهلٌ مغرور مخدوع:
وقال تعالى: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آَلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا. كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا﴾ [مريم: 81-182].
قال الله تعالى: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آَلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ﴾  [يس: 74].وقال تعالى: ﴿قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ﴾  [الأنعام: 140].
(الثالث): إن القرآن وصف المشركين بالجهل في آيات  كثيرة كقوله تعالى: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ﴾  [التوبة: 6].
 وقوله تعالى: ﴿كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ. فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ﴾  [الأعراف: 29-30].
وقوله: ﴿وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ﴾ [البقرة: 78].
وليس لهم حجة تردُّ مثل هذه النصوص المحكمة إلاّ الإعراض والمكابرة، وذلك دليل الجهل.
(الرابع) إنّهم عندما يجادلون عن المشركين يستدلُّون بقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ﴾  [التوبة: 115].
وهذا من عظيم جهلهم لأن موضع الآية هو في من هداه الله إلى قبول البيّنة إذا جحد شيئاً من الشريعة سواء كان علمياً أو عملياً جهلاً منه .. فلا يكفّر حتى تقام عليه الحجة  ويزال عنه الإشكال .. فكيف يقال لجاهل التوحيد أنه ممن هداه الله مع الإقرار بجهله وعدم بلوغ البيّنة إليه.
(الخامس) إنهم يقولون "نحن لا نكفّر من قال لا إله إلاّ الله" بالشركيات  مادام هو يقول كلمة التوحيد. مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قد تبرّأ من الخوارج وحرّض الصحابة على قتلهم وكانوا يقرؤون القرآن ويشهدون الشهادتين ولم يأتوا بالشرك الأكبر .. والصحابة بقيادة الصِّدِّيق قاتلوا مانعي الزكاة وسمُّوهم مرتدين. ومنع الزكاة أخفّ كفراً من عبادة غير الله، ولا خلاف أنهم كانوا يشهدون الشهادتين ويصلُّون. فهم يجهلون هذه الأدلّة الصحيحة أو يعلمونها ولا يعتقدونها. وعدم اتّباع العلم جهلٌ كذلك، وما الجهل إلاّ عدم العلم أو عدم اتّباع العلم.
(السادس) من المعلوم أن المشركين كانوا مقرِّين بوجود الله وكانوا في بعض الأحيان يدعون الله مخلصين له الدِّين وذلك عند الشدائد .. ومع ذلك لم يكونوا مؤمنين بالله أي لم يكونوا موحّدين. كما هو بيّن في قوله تعالى: ﴿كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ﴾ [الممتحنة: 4]. أي حتى توحّدوه وتفردوه بالعبادة. 
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعوهم إلى هذا "الإيمان بالله" ويدعوهم كذلك إلى الإيمان بالرسول والقرآن والملائكة واليوم الآخر.
وعندما جهل هؤلاء هذه الحقيقة وجهلوا المراد من "الإيمان بالله" المطلوب من أهل الشرك جاؤا بالأعاجيب .. فقالوا: "من أنكر أن محمّداً صلى الله عليه وسلم رسول الله  فهو كافر ولا يُعذر بالجهل، ومن أنكر البعث أو القرآن أنه كلام الله أو الملائكة أو البعث والحساب فهو كافرٌ ولا يُعذر بالجهل. أما من أنكر التوحيد فهو يُعذر بالجهل". فما أعظم هذا الجهل .. وبم صاروا "علماء" وهم يجهلون قدر التوحيد !!.
إنّ النبي صلى الله عليه وسلم عندما كان يُعلِّم الناس الإيمان كان يذكر أولاً "الإيمان بالله" ثم الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم كقوله صلى الله عليه وسلم: 
= "الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر .." الحديث.
= "من شهد أن لا إله إلاّ الله وأنِّي رسول الله .." الحديث.
وكذلك القرآن كقوله تعالى: ﴿فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾  [الأعراف: 158].
وقوله: ﴿وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [الفتح: 13].
وقوله: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [النور: 62].
وقوله: ﴿وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ﴾ [النساء: 152]. وغير ذلك من الآيات.
فإن كان الذي لا يؤمن بالرسول لا يعذر بالجهل فالذي لا يؤمن بالله أولى بأن لا يُعذر بالجهل.
(السابع) إنهم إذا قيل لهم: ما حكم من يشهد أن محمّداً صلّى الله عليه وسلم رسول الله .. إذا اعتقد أن الوحي لم ينقطع بعده .. وإن كان لا يسمّى أحداً بعده أنه رسول الله؟. فإنهم يجيبون على الفور: هذا كافر لم يؤمن بالرسول .. لأن من الإيمان بالرسول أن تؤمن بأنَّهُ خاتم النبيين وأن الوحي قد انقطع بعده.
فإن قيل: ما حكم من يقول: لا إله إلاّ الله وهو يعبد غير الله ولكن لا يقول إنه "إله"؟؟. فإنهم يجيبون إنه لا يكفر وهو معذور بالجهل .. فتناقضوا بسبب جهلهم بقدر التوحيد.
(الثامن) إنهم يدافعون عن أهل الإشراك مرّة بقولهم: "إنّهم معذورون بالجهل" ومرّةً إنهم يقولون: "لا إله إلاّ الله" ومرّةً: لا يجوز تكفير المعينين. ويقولون لا نكفّر أحداً ولا نُبدِّع ولا نفسِّقُ إلا من قامت عليه الحجة الرسالية. فإن سئلوا وهم على ذلك عن الموحّدين، نسوا قولهم هذا وحكموا عليهم بالبدعة أو بالكفر. فإن قيل إنهم يقولون: "لا إله إلاّ الله" أو إنهم معذورون بالجهل، لا يقبلون ويقولون: "نحن نتّبع منهج السلف وهم قتلوا الخوارج وحكموا عليهم بالضلال" !!. وهذا جهلٌ عظيمٌ واتّباعٌ للهوى !!.
أليس من منهج السلف تكفير أهل الإشراك؟ !!  
ألم يحرّق عليٌ رضي الله عنه السبئية والصحابة متوافرون؟ !!
ألم يقاتل الصدِّيق رضي الله عنه والصحابة مانعي الزكاة؟ !!     
ألم يقاتل الصحابة المتنبئين؟ !!
إن جرأة أولئك على الموحّدين مع دفاعهم المستميت لأهل الشرك دليلٌ على أنّ لهم هوى في الأمر وأنّهم من أعداء التوحيد.


اخبر صديق

Kenana Soft For Web Devoloping